هانيبال الذى أذل روما

بدأ الصراع بين روما وقرطاجة عندما قامت روما بأخضاع كل مدن شبة الجزيرة الأيطالية بالمعاهدات الأجباريـة ووضعت فى كل منطقة حامية عسكرية ، بعد ذلك ألقت نظرة على البحر المتوسط فوجدت قرطاجه مسيطرة على البحر بأساطيلها البحرية والتجارية فدار فى آذهان روما مبدأ للضعيف أن يقوى وأستخدمت ضدها قانون الغابـة القوة هى الحق ورآت روما أن الخطوة الأول لتحقيق حلمها وهو السيطرة على العالم بأكملـه هو السيطرة على البحر المتوسط وتجارته وتحويله الى بحيرة رومانية لذلك بدأت روما تستحسن الفرصة للأنقضاض على قرطاجـة .

حانت الفرصة لروما حيث كانت جزيرة كورثيكا على علاقة صداقة بقرطاجه وحدث خلاف بين كورثيكا وميسينيا ولكن لم يصل الى حد القوة حول التجارة وهو ما أتحذته روما ذريعة للحرب . لذا قامت روما بتوقيع معاهدة صداقة مع ميسينيا ومن خلالها ستدخل روما للدفاع عن ميسينيا ضد كورثيكا وقرطاجه وكانت روما قد أخـذت الـقرار بأنهاء السطرة القرطاجية على البحر المتوسط .وبناء على ذلك أعلنـت رومـا الحرب على قرطاجـه وكورثيكـا.

كان يحكم قرطاجه القائد هاملقاربرقة وقد أصابه الذهول حين أعلنت روما الحرب عليه ولجأ الى التفاوض ولـكن روما لم تمكنه من ذلك وبناء على ذلك تحركت الجيوش الرومانية تجاه قرطاجه وسميت تلك الحرب بالحرب القرطاجية الأولى أو الحرب البونية الأولى ،لم تستغرق تلك الحرب وقتا" طويلا" حسمت منذ البدايه لصالح روما وانهزم هاملقار برقة وأجبره الرومان لأختيارمنفى اجبارى له ولأسرته فأحتار أسبانيا .بعد أن أستولت روما على قرطاجه وأساطيلها قامت بنقل كل المعاهدات والتعاقدات التى عقدتها قرطاجه مع البلاد الأخرى لنفسها .حدث لهملقاربرقـه نوع من القهر السياسى وأصبح فى نفسه غصة من الرومان كان لدى هملقار برقة ابن يدعى هانيبال فى ذلك الوقت يبلغ من العمر6سنوات .

الحرب البونية الثانية

كانت تلك الحرب أهم الحروب البونية الثلاث على الأطلاق ؛ وكان قائدها هانيبال ورغم قلة ماكتب عن هانيبال الا أنها وضحت مدى أسطوريته وأعتبر فى الدرسات الغربية أعظم قائد عسكرى فى التاريخ القديم وأبيه فى المرتبـة الثانية وذلك لأنهم لم يدرسوا فنون الحرب العسكرية وعلى الرغم من ذلك وضعوا خطط حربية متقنه للغاية أوشكت أن تقضى على روما .

كان هانيبال فى أسبانيا لدية 6سنوات ذهب به والده الى معبد الاله بعل وأخذ يده ووضعها على التمثال وجعلـه يقسم بأن يظل عدوا" للرومان طوال حياته مهما تغيرت الظروف لاتهادنهم ولاتعقد معهم صلحا" أوأتفاقية وتظـل عدوا" لهم حتى الموت .بدأ هملقاربرقة يعد جيشة وهو فى أسبانيا من الأسبان وبعض القرطاجيين وعندما بلغ هانيبال ال12من عمره أدخله والده فى الجيش وعلمه فنون الحرب والتدريبات العسكرية .وعندمـا بلغ الـ 19من عمره توفى والده ودفن فى أسبانيا وفى نفس اليوم أقام هانيبال اجتماع وأمر بجمع قواده العسكريين تحت أمرته وأعلن نفسه قائد عام للجيش القرطاجى فى أسبانيا .

رغم ذلك لم تشكل قرطاجه خطرا" بالنسبة لقوة روما ، وفى شتاء 218ق.م فاجئ هانيبال الرومان والعالم بأنه أعلن الحرب على روما بل وهدد أنى قادم اليكم ، لكم أن تتخيلوا الأمر روما بجلالة قدرها يهددهـا جيش من 200فرد مقابل35ألف مقاتل رومانى ، استقبلت روما ذلك الأعلان بالضحك والسخرية عندها حق . وفى اليوم التالى تحرك هانيبال من أسبانيا صوب روما أستهتر الرومان بهانيبال ولم يتوخو الحذر ورغم ذلك تركوه يستعدويتوعدهم بالقتال وأعطوا اشاره للقوة الأولى لمقابلة هانيبال والقضاء عليه .

وهنا يظهر هانيبال مكره السياسى فقد فكر بعقل عدوه وسلك طريق غير مألوف وقرر صعود جبال الألب التى هى شديدة الوعورة والثلوج تغطيها ، واستقبل مجلس السناتو فى روما ذلك بالسخرية الشديدة وضحكوا حتى بكـوا ضحكا" على هانيبال لأنه هالك لامحال من ذلك . قضى هانيبال فى جبال الألب 6شهور حتى أعتقد الرومان أنـه مات هو وجيشة وفى شتاء شهر 12ديسمبر 218ق.م هبط هانيبال من جبال الألب حتى وصل بالقرب من أحد روافد نهر البو فى منطقة كاناى وكان نصف قواته قد فقد، ولما علمت الفرق الرومانية بأن هانيبال وصل لرومـا أبلغت القيادات المركزية بوصوله ، أصاب الرومان الذهول من خروجه من جبال الألب وأعتقدوا أنه سوف يأخذ وقت حتى يستعد وينظم جيوشه . و للمرة التانية يفعل غير المألوف ويفكر بعقل عدوه ففى شروق اليوم التالى قرر مهاجمة المعسكر الرومانى بقوة قوامها 200فارس ، وضع هانيبال الخيول والفرسان التى سوف تدخل المعركة على ظهرالأفيال لأراحتهم قبل الدخول فى المعركة وأفطرهم أفطارا" جيدا" وقام بدهن جسد الفرسان بالشحم وكذلك قدم الخيول ولفها بالصوف وألبسهم ملابس صوفية كل ذلك للتحلص من نهر البو وبرودته التى تقضى على الجسد .

كان عدد فرسان هانيبال 200فارس مقابل 35ألف جندى رومانى غير مستعدين ،أعطى هانيبال أوامره لجنوده بأن يظهروا أنفسهم للرومان ينسحبون وعندما فعلوا ذلك وأظهروا الأنسحاب فروا ورائهم المقاتلين الرومان وعبروا نهر البو فهلكت معظم قوة الرومان فى النهر نتيجة لتجمد المياه وحتى الذين أستطاعوا العبور لم يجـدوا أى أثر لجنـود هانيبال .أختفى هانيبال فى منطقة كاناى بين الغابات والأشجار الكثيفة واصل جنود الرومان تقدمهم حتى حاصرهم هانيبال من كل ناحية حتى قتلهم جميعا" ولم يبقى سوى 4فرسان فقط من 35ألف مقاتل رومانى وسميت هذه المعركة بمعركة كاناى

ولما صلت أنباء الهزيمة لروما صعق الرومان لما حدث وأخذوا يتشككون فى الخبر وحاصة مجلس السيناتو ، نتيجـة ذلك أعلنت روما حالت الطوارئ وقامتبأستدعاء كل جنودها من المدن التى استولوا عليها فى شبة الجزيرة الأيطالية لأعتقادهم أن هانيبال سوف يهاجم روما .لكن هانيبال مره أخرى يفكر بعقل عدوه ويفعل غير المألوف لتحقـيق عنصر المفاجأة لروما فقام بمهاجمة المدن الأيطالية التى انسحبت منها الحاميات الرومانية وهويعلم تماما" مدى العلاقة بين روما وتلك المدن والمعاهدات التى اجبرت روما تلك الدول على توقيعها وكان هانيبال ملاك الرحمة لهذه المدن للخلاص من سيطرة روما فأستقبلوه بالترحاب ، ودحل هانيبال هذه المدن دخول الفاتحيين وأطلعوه على الجيـش الرومانى وحططه وعوضوه مافقده من قوات وأمدوه بالمؤن والجند وزوجت هذه البلدان بناتها من جنود هانـيبال وهومايعرف بالزواج السياسى .

بعد أن ضم هانيبال هذه المدن وتقوى بها بدأ هدير تلك المدن يدق أبواب روما لذلك أجتمع مجلس السناتو وعقد مجلسا" للحرب وأتوا بأقطاب القيادات العسكرية فى هذا المجلس وكان الوضع صعبا" جدا" على الرومان وقرر أحد الحاضرين فى بداية الجلسة التى تحدد مستقبل روما ويدعى شيشرون مقولة to be or not to be (( أكون أو لا أكون)) وعليه قرر المجتمعون استدعـاء كل الحامـيات العسكرية الرومانيـة خارج ايطاليا وتجميع جيـش كبير .

جمع الرومان جيش مقداره 200ألف جندى تقريبا" وارساله خارج العاصمة روما لملاقاة هانيبال فأنتقلت روما من مرحلة الهجوم وانفض هذا المجلس وفعلت قرارته ووصلت جيوش روما الى شبة الجزيرة الأيطاليه وفى منطـقة على أمتداد البصر خارج روما كانت الموقعة الثانية وهى الحرب البونية الثانية وسميت ترينى وفى ظل تلك الظروف كانت الأمور صعبة لأدارة 200ألف جندى فكان عدد الرومان بالنسبة لهم كارثة فكيف يأتون لهم بالمؤن والأطعمه والعتاد وكيفية معالجة الجرحى وكم من الخيول يحمل ذلك الجيش وأرادوا جعل هذه المعركة بعيده عن روما حتى اذا أنهزموا يستطيعون العودة الى روما والدفاع عنها ولكن رفض العقلاء فى هذا المجلس هذا الرآى لأنهم توقعوا الهزيمـة قـبل النصر وأنتهى الأمر بالأتفاق على أنت تكون المعركة بالقرب من العاصمة روما ومما هو جدير بالذكر أن تكنيك هذه المعركة يدرس فى الجامعات الأكادمية فى العالم فى الوقت الحالى .

كانت الجيوش فى هذا الوقت تحارب بـ3محاور (ميمنه-ميسرة-مؤخرة) وكان قوام جيش هانيبال 35ألف مقاتـل ،ركز معايه فى النقطه ديه ؛ كان المعتاد فى تنظيم الجيوش أن يكون الفرسان فى الأمام ويليهم المشاه الا ان هانيـبال صنع شيئا" غريبا" ؛ فقد قام فى الجزالأيمن بوضع المشاه فى المقدمة ويليهم الفرسان فى الخلف والجزء الأحرثابت وهذا بالمنطق العسكرى خسر المعركة ؛ ولكنه كان يريد من ذلك تفكيك وإفساد التشكيل العسكرى ، وبذلـك أنقـض الفرسان الرومان على مشاة جيش هانيبال فأظهر فرسان هانيبال الأنسحاب حتى أحاطوا بالرومان فى دائرتين داخلية وخارجية ويقال أن هانيبال أحاط بهم احاطة السور بالمعصم كما يقال أن هانيبال طبق بذلك نظرية هندسية وبذلك أنقض جيش هانيبال على الرومان بعد أن حـدث خلـل فى صفوفهم ولم يبق من المقاتلين الرومـان الا720فرد .

هذه المعركة قضت على آمال روما وأعلنت روما الأستسلام ونكست الأعلام الرومانيةداخل روما وتم عقد مجلس الأستسلام فى روما فأعلنت روما الأتى :-

- إنتفاء النظام الجمهورى .
- التوقف عن العمل بكل المؤسسات التشريعية والتنفيذية .
- إعلان قيام الدكتاتورية فى روما (( نظام الأزمات)) .

وبناء على ذلك تم تعين ديكتاتور لمدة6أشهر ومنح كل الصلاحيات وذلك حتى يعيد لرومـا مجدهـا ، فأراد هـذا الدكتاتور كسب الوقت وكان يعلم أنه لن يستطـيع الغلبة على هانيـبال عسكريا" فقرر محاربـة هانيـبال حرب العصابات فكان رآى صائب الى حدا" ما مثل تسميمم المياه واحراق الزرع ، فى البداية لم تزعج هذه الحرب هانيبال ولكنها لكونها متصلة بدأت تقلقة وأرهقته وأستمرهذا الأمر 6أشهر ونجح الدكتاتور فى مهمته وهى تعطيل هانيـبال بعض الوقت وأربكت حرب العصابات حسابات هانيبال .

وبعد 6أشهر من تعين الديكتاتور وفى عام 2020ق.م اجتمع مجلس السناتو للتشاور فدخل رجل من أعضاء مجلس الشيوخ الكبار ومعه ابنه يبلغ من العمر16سنه يقال أنه ولد فى الليلة التى وصـل فيها هانيـبال الى رومـا ويسمى سكيبوا الأفريقى . فكان قدر هانيبال قد ولد فى ذلك الليلة ؛ فقد عاش سكيبوا فى دولة متنكسة فقدت كل عوامل العظمة وتربى على الأهوال والقصص التى أحدثها هانيبال فى روما وأدرك الفتى قضية هانيـبال وهو أنه يفـعل مـا لايفعلة الآحرون ويخرج عن المألوف ودرس العسكريه على هانيبال . حتى أنه فى معركة ترينى قال لأبـيه ما سيفعله هانيبال فى المعركة وأنهابدايةالنهاية لروما .وبعد نهاية المعركة تبها اليه والده ومالديه منقراءةمحكمة لخطط هانيــبال ودراسته لفكرهانيـبال العسكرى ومالديه من خطـط عسكرية بديله .

ولما كانت روما قد فقدت كل أوراقها فقد وفرت لأسكيبوا جيش وعينوه قائدا" عليه وهنا تأتى المعركة الأخيرة وهى معركة زاما 202ق.م . فى هذه المعركة كان جيش هانيبال أقوى معنويا" وعسكريا" ، وزامامنطقة بها تل عالى وتـل منخفض بالعقلية الأعلى يكسب المعركة لكن سكيبوا قال لهم ان هانيبال لن يركب التل العالى وعمـل حسابـه فى الحالتين فوضع سكيبوا قوة على التل العالى وباقية جيشة فى التل المنخفض ، وتحققت نظرية سكيبوا وعندمـا أتـى هانيبال حوصر وأمطر سكيبوا على جيش هانيبال السهام من التل العالى مما ادى الى صعوده الى المنطقة العلـيا لكن سكيبوا قطع عليه الطريق فى المنتصف وبذلك انهزم هانيبال هزيمة منكرة على يد سكيبوا وعندئذ تيقن هانيبال من أن سر نجاحه قد اشتهر وان سكيبوا فكر بعقليته ، وفقد هانيبال جيشة ولم يفر الا القليل ، وأثناء فرار هانيبال رآه أحد جنود سكيبوا فأصابه بسهم فى عينه ففر هانيبال الى الجبال حتى قامت عاصفة مات على أثرهـا بعد تسمم فى الـدم .

نتيجة ذلك علقت مواكب النصر لسكيبوا الأفريقى وكان هذا التاريخ بداية جديدة لروما ، وكان الحزين الوحيد فى روما هو سكيبو لأنه فقد أعظم شخصية عسكرية وهو هانيبال فكان يحترم شخصة وفكره . وهكذا انتهــت آخر فصول مسرحية الحرب البونية الثانية (( نهاية سعيدةلروما..نهاية مأسوية لقرطاجة )).

الحرب البونية الثالثة

كان للرومان كم من الحقد تجاه قرطاجة غيرمسبوق وفى أول جلسة لمجلس السناتو بعد انتصار روما على هانيــبال ظهر شخص يدعى كاتو الكبير cato وأحضر خريطة العالم وغرس خنجرة فى منطقة قرطاجة وقال(( يجب أن تمحى قرطاجة من على خريطة العالم )) وهذه كانت بداية الحرب البونية الثالثة.

تحركت الجيوش الرومانية بقيادة كاتوا تجاه قرطاجه فلما علمت قرطاجة بذلك تحصنت عندئذ لم يقدر الرومـان على دخولها لذلك لجأ كاتو للخدبعة لمحاولة الأيقاع بقرطاجة فوعدهم بالأمان وعندئذ فتحت الأبواب ، ولكنه لم يحافـظ على وعده وأعطى أوامرصريحة بقتل كل سكان تلك المدينة وأبادتها تماما" .

ولم ينتصف مساء اليوم الرابع الا وقد كانت قرطاجة جثة هامده لاتدب فيها الحياة ، حتى أنه أمرجنوده بقتل الطيور والغربان وأمر بأن يؤتى بـ 100سفينة مليئة بالملح ونثرها على أرض قرطاجـة حتى لاتنبـت زرع ولايسكنها أى أنسان ولايعيش عليها طائر وأصبحت حاليا" منطقة ملاحات .

وتلك نهاية الحروب البونية